عمان على لسان النبي العدنان صلى الله عليه وسلمالمقال التالي منقول بالنص الحرفي
الحمد لله ربِّ العالمين،وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين،وبعد: فإنَّ عَمَّان (عاصمة الهواشم ) عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية،مدينة عريقة،ولها تاريخ مليءٌ بالذكريات والأحداث والمهمّات عبر الزمن،كيف لا وقد جاء ذكر هذه المدينة العريقة على لسان النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث ومناسبة،وفي هذا شرفٌ لهذه المدينة ـ مدينة عَمَّان ـ لا يُضاهيه شرف،من أن تُذكر عمَّان على لسان خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم الذي لم يجريَ الله على لسانه إلا الخير،وأسوق هنا بعض هذه الأحاديث والروايات الصحيحة،والتي جاءَ فيها ذكرٌ لعَمَّان على لسان النبي العدنان محمد صلى الله عليه وسلم:
روى الإمام مسلم في صحيحه ج11 ص422 عن أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا آنِيَةُ الْحَوْضِ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا أَلَا فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ آنِيَةُ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ يَشْخَبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ. وأيلة هنا هي مدينة العقبة.
وروى الإمام الترمذي في سننه /باب ما جاء في صفة أواني الحوض/ ج8 ص483 عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الْحَبَشِيِّ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَحُمِلْتُ عَلَى الْبَرِيدِ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ شَقَّ عَلَى مَرْكَبِي الْبَرِيدُ فَقَالَ يَا أَبَا سَلَّامٍ مَا أَرَدْتُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ وَلَكِنْ بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ تُحَدِّثُهُ عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَوْضِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ تُشَافِهَنِي بِهِ قَالَ أَبُو سَلَّامٍ حَدَّثَنِي ثَوْبَانُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: حَوْضِي مِنْ عَدَنَ إِلَى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ وَأَكَاوِيبُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا أَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ الشُّعْثُ رُءُوسًا الدُّنْسُ ثِيَابًا الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَلَا تُفْتَحُ لَهُمْ السُّدَدُ.
وروى الإمام أحمد في المسند حديث رقم 20364 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا آنِيَةُ الْحَوْضِ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ آنِيَةُ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ يَشْخَبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ.
وروى الإمام إبن أبي شيبة في مصنّفه ج7 ص414 عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ! ما آنية الحوض ؟ قال : " والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في الليلة المظلمة المصحية ، من شرب منها لم يظمأ ، عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى إيلة ، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ".
وروى الإمام ابن أبي شيبة أيضاً في مصنفه .ج7 ص414 عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا عند عقر حوضي أذود عنه الناس لاهل اليمن إني لاضربهم بعصاي حتى يرفض عليهم قال فسئل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن سعة الحوض ، فقال : هو " ما بين مقامي هذا إلى عمان (ما بينهما شهر أو نحو ذلك) ، فسئل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن شرابه فقال : أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، يصب فيه ميزابان مداده أو مدادهما من الجنة أحدهما ورق والآخر ذهب ".
ويكفي عَمَّانَ شرفاً ورِفعة أنها سُمِّيت بإسم ابن نبيٍّ من أنبياء الله وهو عمان بن لوطٍ عليه السلام،يقول الإمام أبو القاسم السهيلي في كتاب(الروض الأنف) : (وَأَمّا عَمّانَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ فَهِيَ بِالشّامِ قُرْبُ دِمَشْقَ ، سُمّيَتْ بِعَمّانَ بْنِ لُوطِ بْنِ هَارَانَ كَانَ سَكَنَهَا). ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في ترجمة محمد بن كامل العماني: من عمان البلقاء، وهي باسم عمان بن لوط. تبصير المنتبه بتحرير المشتبه ج1 ص 238.
قال الحافظ ابن عساكر: قال الرازي أخبرني محمد بن حميد نبأنا محمد بن الحسن بن السمط قال: قرأت على خالي محمد بن سهل بن عبد الكريم قال: وقالوا البلقاء من عمل دمشق سميت ببلقاء بن سويرة من بني عمان بن لوط وهو بناها ويقال ولد للوط أربعة رجلان مآب وعمان وابنتان زغر و الرية فعمان مدينة البلقاء سميت بعمان بن لوط ومآب من مدائن البلقاء سميت بمآب بن لوط. تاريخ دمشق ج1 ص21.
ومعنى إسم عمَّان من عَمَّ يَعُمُّ فهو عمَّان،أي إذا أعمَّ الخير وابتدأ به على غيره، قال النووي في شرح مسلم ج8 ص4: وَأَمَّا ( عَمَّان ) فَبِفَتْحِ الْعَيْن وَتَشْدِيد الْمِيم ، وَهِيَ بَلْدَة بِالْبَلْقَاءِ مِنْ الشَّام . قَالَ الْحَازِمِيّ : قَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ : يَجُوز أَنْ يَكُون فَعْلَان مِنْ عَمّ يَعُمُّ.
قال الإمام أبو عبد الله البَشَّاري رحمه الله في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ص 175): مكَّة:هي مصر هذه الأقاليم،قد خُطّت حول الكعبة،في شِعبِ وادٍ،رأيت لها ثلاث نظائر:عَمَّان بالشام،وإصطخر بفارس،وقرية الحمراء بخراسان).
وعَمَّان مدينة عصيَّة على الأعداء،محروسة بحرس الله،من أرادها بسوءٍ أكبّه الله على وجهه،ومن أرادها بكيدٍ جعل الله كيده في نحره،فهي أرض الحشد والرباط حتى قيام الساعة،وهي في ظِلَّ الرحمنِ عزَّ وجل،فقد روى الإمام أبو داود في سننه (ج12 ص 243)، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: لَتَمْخُرَنَّ الرُّومُ الشَّامَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا إِلَّا دِمَشْقَ وَعَمَّانَ.
وروى الإمام عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله،روى في كتاب السُّنَّة ج2 ص496حديث رقم 958 قال: حدثنا أبو أحمد الهيثم بن خارجة ، نا عثمان بن حصن بن علاق القرشي ، قال : سمعت عروة بن رويم ، يقول : إن رجلا لقي كعب الأحبار فسلم عليه وحياه ، ودعا له حتى أرضاه ، فسأله كعب « ممن هو ؟ » قال : رجل من أهل الشام ، قال : « فلعلك من الجند الذين يدخل الجنة منهم سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب » ، قال : قلت : من هم ؟ قال : « أهل حمص ، » قال : لست منهم ، قال : « فلعلك من الجند الذين يعرفون في الجنة بثياب خضر » ، قال : قلت : من هم ؟ قال : « أهل دمشق ، قال : قلت لست منهم ، قال : » فلعلك من الجند الذين هم في ظل عرش الرحمن جل وعز « ، قال : قلت : من هم ؟ قال : » هم أهل الأردن « ، قال : قلت : لست منهم ، قال : » فلعلك من الجند الذين ينظر الله إليهم عز وجل في كل يوم مرتين « ، قال : قلت : من هم ؟ قال : » أهل فلسطين « ، قال : قلت : نعم ، أنا منهم.
والأردن بشكلٍ عام هي أرض الخيراتِ والبركات،حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب بها المثل،ويُطلق عليها إسم الجِنان.
فقد روى الإمام إبن أبي حاتم في تفسيره ج12 ص57 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرْظِيِّ، قَالَ:"اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ، وَفِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا عَلَى بَابِهِ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعَمُ أَنَّكُمْ إِنْ بَايَعْتُمُوهُ عَلَى أَمْرِهِ كُنْتُمْ مُلَوكَ الْعَرَبِ، وَالْعَجَمِ، ثم بُعثتم من بعد موتكم، فجُعلت لكم جنان كجنان الأردن".
وفي حديث كعب الذي ذكره الإمام ابن الأثير في كتاب(النهاية في غريب الحديث والأثر ج3 ص791)،قال: [ إن اللّهَ بارَك في الشَّام وخَصَ بالتَّقْديس مِن فَحْصِ الأُرْدُنّ] قال ابن الأثير: وفَحْصُه : ما بُسِط منه وكُشِف من نواحيه.
أخرج الإمام ابن عدي في "الكامل" (1/ 172) عن ابن عباس رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا ذهب الإيمان من الأرض وجد ببطن الأردن ) .
أسأل الله جلَّ وعلا أن يبارك هذه المدينة (عَمَّانَ الخير ) عاصمة الهواشم،من أرض الأردن الطهور،أرض الحشد والرباط،وكما أسأله تعالى أن يوردنا حوض النبي صلى الله عليه وسلم ـ والذي هو كما بين المدينة المنوّرة وعَمَّان ـ فيسقينا من يده الشريفة شربةً لا نظمأُ بعدها أبداً،إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
* إمام وخطيب مسجد ضيوف الرحمن/شفا بدران
الحمد لله ربِّ العالمين،وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين،وبعد: فإنَّ عَمَّان (عاصمة الهواشم ) عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية،مدينة عريقة،ولها تاريخ مليءٌ بالذكريات والأحداث والمهمّات عبر الزمن،كيف لا وقد جاء ذكر هذه المدينة العريقة على لسان النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث ومناسبة،وفي هذا شرفٌ لهذه المدينة ـ مدينة عَمَّان ـ لا يُضاهيه شرف،من أن تُذكر عمَّان على لسان خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم الذي لم يجريَ الله على لسانه إلا الخير،وأسوق هنا بعض هذه الأحاديث والروايات الصحيحة،والتي جاءَ فيها ذكرٌ لعَمَّان على لسان النبي العدنان محمد صلى الله عليه وسلم:
روى الإمام مسلم في صحيحه ج11 ص422 عن أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا آنِيَةُ الْحَوْضِ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا أَلَا فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ آنِيَةُ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ يَشْخَبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ. وأيلة هنا هي مدينة العقبة.
وروى الإمام الترمذي في سننه /باب ما جاء في صفة أواني الحوض/ ج8 ص483 عَنْ أَبِي سَلَّامٍ الْحَبَشِيِّ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَحُمِلْتُ عَلَى الْبَرِيدِ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ شَقَّ عَلَى مَرْكَبِي الْبَرِيدُ فَقَالَ يَا أَبَا سَلَّامٍ مَا أَرَدْتُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ وَلَكِنْ بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ تُحَدِّثُهُ عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَوْضِ فَأَحْبَبْتُ أَنْ تُشَافِهَنِي بِهِ قَالَ أَبُو سَلَّامٍ حَدَّثَنِي ثَوْبَانُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: حَوْضِي مِنْ عَدَنَ إِلَى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ وَأَكَاوِيبُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا أَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ الشُّعْثُ رُءُوسًا الدُّنْسُ ثِيَابًا الَّذِينَ لَا يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَلَا تُفْتَحُ لَهُمْ السُّدَدُ.
وروى الإمام أحمد في المسند حديث رقم 20364 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا آنِيَةُ الْحَوْضِ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ آنِيَةُ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ يَشْخَبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ.
وروى الإمام إبن أبي شيبة في مصنّفه ج7 ص414 عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ! ما آنية الحوض ؟ قال : " والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في الليلة المظلمة المصحية ، من شرب منها لم يظمأ ، عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى إيلة ، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ".
وروى الإمام ابن أبي شيبة أيضاً في مصنفه .ج7 ص414 عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا عند عقر حوضي أذود عنه الناس لاهل اليمن إني لاضربهم بعصاي حتى يرفض عليهم قال فسئل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن سعة الحوض ، فقال : هو " ما بين مقامي هذا إلى عمان (ما بينهما شهر أو نحو ذلك) ، فسئل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن شرابه فقال : أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، يصب فيه ميزابان مداده أو مدادهما من الجنة أحدهما ورق والآخر ذهب ".
ويكفي عَمَّانَ شرفاً ورِفعة أنها سُمِّيت بإسم ابن نبيٍّ من أنبياء الله وهو عمان بن لوطٍ عليه السلام،يقول الإمام أبو القاسم السهيلي في كتاب(الروض الأنف) : (وَأَمّا عَمّانَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ فَهِيَ بِالشّامِ قُرْبُ دِمَشْقَ ، سُمّيَتْ بِعَمّانَ بْنِ لُوطِ بْنِ هَارَانَ كَانَ سَكَنَهَا). ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في ترجمة محمد بن كامل العماني: من عمان البلقاء، وهي باسم عمان بن لوط. تبصير المنتبه بتحرير المشتبه ج1 ص 238.
قال الحافظ ابن عساكر: قال الرازي أخبرني محمد بن حميد نبأنا محمد بن الحسن بن السمط قال: قرأت على خالي محمد بن سهل بن عبد الكريم قال: وقالوا البلقاء من عمل دمشق سميت ببلقاء بن سويرة من بني عمان بن لوط وهو بناها ويقال ولد للوط أربعة رجلان مآب وعمان وابنتان زغر و الرية فعمان مدينة البلقاء سميت بعمان بن لوط ومآب من مدائن البلقاء سميت بمآب بن لوط. تاريخ دمشق ج1 ص21.
ومعنى إسم عمَّان من عَمَّ يَعُمُّ فهو عمَّان،أي إذا أعمَّ الخير وابتدأ به على غيره، قال النووي في شرح مسلم ج8 ص4: وَأَمَّا ( عَمَّان ) فَبِفَتْحِ الْعَيْن وَتَشْدِيد الْمِيم ، وَهِيَ بَلْدَة بِالْبَلْقَاءِ مِنْ الشَّام . قَالَ الْحَازِمِيّ : قَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيّ : يَجُوز أَنْ يَكُون فَعْلَان مِنْ عَمّ يَعُمُّ.
قال الإمام أبو عبد الله البَشَّاري رحمه الله في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ص 175): مكَّة:هي مصر هذه الأقاليم،قد خُطّت حول الكعبة،في شِعبِ وادٍ،رأيت لها ثلاث نظائر:عَمَّان بالشام،وإصطخر بفارس،وقرية الحمراء بخراسان).
وعَمَّان مدينة عصيَّة على الأعداء،محروسة بحرس الله،من أرادها بسوءٍ أكبّه الله على وجهه،ومن أرادها بكيدٍ جعل الله كيده في نحره،فهي أرض الحشد والرباط حتى قيام الساعة،وهي في ظِلَّ الرحمنِ عزَّ وجل،فقد روى الإمام أبو داود في سننه (ج12 ص 243)، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: لَتَمْخُرَنَّ الرُّومُ الشَّامَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا إِلَّا دِمَشْقَ وَعَمَّانَ.
وروى الإمام عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله،روى في كتاب السُّنَّة ج2 ص496حديث رقم 958 قال: حدثنا أبو أحمد الهيثم بن خارجة ، نا عثمان بن حصن بن علاق القرشي ، قال : سمعت عروة بن رويم ، يقول : إن رجلا لقي كعب الأحبار فسلم عليه وحياه ، ودعا له حتى أرضاه ، فسأله كعب « ممن هو ؟ » قال : رجل من أهل الشام ، قال : « فلعلك من الجند الذين يدخل الجنة منهم سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب » ، قال : قلت : من هم ؟ قال : « أهل حمص ، » قال : لست منهم ، قال : « فلعلك من الجند الذين يعرفون في الجنة بثياب خضر » ، قال : قلت : من هم ؟ قال : « أهل دمشق ، قال : قلت لست منهم ، قال : » فلعلك من الجند الذين هم في ظل عرش الرحمن جل وعز « ، قال : قلت : من هم ؟ قال : » هم أهل الأردن « ، قال : قلت : لست منهم ، قال : » فلعلك من الجند الذين ينظر الله إليهم عز وجل في كل يوم مرتين « ، قال : قلت : من هم ؟ قال : » أهل فلسطين « ، قال : قلت : نعم ، أنا منهم.
والأردن بشكلٍ عام هي أرض الخيراتِ والبركات،حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب بها المثل،ويُطلق عليها إسم الجِنان.
فقد روى الإمام إبن أبي حاتم في تفسيره ج12 ص57 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرْظِيِّ، قَالَ:"اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ، وَفِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا عَلَى بَابِهِ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعَمُ أَنَّكُمْ إِنْ بَايَعْتُمُوهُ عَلَى أَمْرِهِ كُنْتُمْ مُلَوكَ الْعَرَبِ، وَالْعَجَمِ، ثم بُعثتم من بعد موتكم، فجُعلت لكم جنان كجنان الأردن".
وفي حديث كعب الذي ذكره الإمام ابن الأثير في كتاب(النهاية في غريب الحديث والأثر ج3 ص791)،قال: [ إن اللّهَ بارَك في الشَّام وخَصَ بالتَّقْديس مِن فَحْصِ الأُرْدُنّ] قال ابن الأثير: وفَحْصُه : ما بُسِط منه وكُشِف من نواحيه.
أخرج الإمام ابن عدي في "الكامل" (1/ 172) عن ابن عباس رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا ذهب الإيمان من الأرض وجد ببطن الأردن ) .
أسأل الله جلَّ وعلا أن يبارك هذه المدينة (عَمَّانَ الخير ) عاصمة الهواشم،من أرض الأردن الطهور،أرض الحشد والرباط،وكما أسأله تعالى أن يوردنا حوض النبي صلى الله عليه وسلم ـ والذي هو كما بين المدينة المنوّرة وعَمَّان ـ فيسقينا من يده الشريفة شربةً لا نظمأُ بعدها أبداً،إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
* إمام وخطيب مسجد ضيوف الرحمن/شفا بدران