توطين فرص عمل الشباب الأردني في القطاع السياحي
تمع تزايد حدة مشكلة الباحثين عن العمل في صفوف الأيدي العاملة الأردنية والحاجة لإيجاد الوظائف لمئات الآلاف من الشباب الداخلين إلى أسواق العمل سنويا، فهناك العديد من الآثار السلبية المتعاظمة لهذه المشكلة حيث تتراوح نسبة الباحثين عن العمل بين المواطنين في الأردن 10 إلى 15%، في الوقت نفسه هناك تعاظم في استنزاف الأيدي العاملة الأجنبية للموارد المالية علاوة على أعبائها على مرافق الخدمات وغيرها مما يوجد إفرازات اقتصادية واجتماعية ـ سلبية عديدة. من هنا تتسلط الأضواء مجدداً على الجهود الحكومية التي تبذلها الأردن في هذا المضمار.خاصة ونحن على أبواب انفتاح اقتصادي كبير في الاستثمارات السياحية خلال المرحلة القادمة في ظل اختيار مدينة البتراء كثاني عجائب الدنيا السبع مما يتطلب أعداد متزايدة من الشباب الأردنيين للعمل في القطاع السياحي والفندقي .
توطين الوظائف في القطاع السياحي
يعد موضوع الأيدي العاملة الوافدة وموضوع توطين الوظائف في القطاع السياحي من الموضوعات المهمة التي يجب أن تبحث على جميع المستويات ولا سيما وان الأردن مليئة بالكفاءات الوطنية والمؤهلة علميا وعمليا.حيث تتراوح نسبة الأيدي العاملة الأجنبية في القطاع السياحي الأردني 60% من إجمالي قوة العمل، وهذا الأمر يستدعي بذل جهود إضافية لإعداد القوى العاملة الأردنية إعدادا مهنيا ومهاريا كفوءا بحيث تسهم هذه الأيدي العاملة في تنفيذ خط التنمية وتسهم أيضا في ترشيد الأيدي العاملة الوافدة. ولا شك أن وجود هذه النسبة العالية تؤثر على فرص الأيدي العاملة الأردنية ،وتدني الأجور بالإضافة على تأثيرها على الاقتصاد بشكل عام.
الأيدي العاملة الأجنبية في القطاع السياحي الخاص
وتشير الإحصاءات والبيانات إلى أن القطاع الخاص في المملكة يعتمد بشكل كبير على الأيدي العاملة الأجنبية في القطاع السياحي، حيث تصل نسبة الأيدي العاملة في القطاع الأردني الخاص إلى حوالي 60٪ من إجمالي القوى العاملة. وهذا يؤدي إلى أن الأيدي العاملة الأجنبية تقف حجر عثرة أمام توظيف الشباب الأردني، بحيث أصبح الوضع يعاني ظهور بطالة بين الشباب، مع الأخذ في الحسبان أن معدلات النمو السكاني في المملكة تصل إلى 3،2٪ وهي من المعدلات العالية في العالم، وهو ما يعني تزايد أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل من الشباب بشكل يفوق معدلات النمو الاقتصادي في ظل الأزمات التي عصفت بالمنطقة في الآونة الأخيرة. وكذلك الظروف الاقتصادية التي شهدناها في السنوات القليلة الماضية من ارتفاع الأسعار العالمية للنفط، مع الأخذ في الحسبان الضغط على أرصدة الدولة من العملات الأجنبية نتيجة حوالات العمالة الأجنبية ، ما ينتج عن كل ذلك مجتمعًا ضعيف الاستيعاب على توظيف الداخلين الجدد من الشباب إلى سوق العمل.
حجم التحويلات المالية للأيدي العاملة الأجنبية
علاوة على ذلك، يلاحظ التزايد الحاد في حجم التحويلات المالية للأيدي العاملة الأجنبية في القطاع السياحي التي تخرج من الأردن. وهذه التحويلات ستزداد بشكل أكبر إذا ما أخذ بالاعتبار التحويلات التي تتم مباشرة دون أن تمر بأي من القنوات الرسمية، مما يشكل استنزافا دائما لموارد التنمية السياحية في الأردن وخاصة في ظل النمو المتسارع لقطاع السياحة في الأردن لذلك يجب العمل على ربط مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل الأردني ،وتشجيع الشباب للالتحاق بالقطاع السياحي من خلال تضافر كافة جهود المؤسسات والوزارات في الأردن.
إجراءات يجب أن تقوم بها الجهات المعنية على تطوير وإدارة القطاع السياحي الأردني
يجب أن يكون هناك عدد من الإجراءات يجب أن تقوم بها الجهات المعنية على تطوير وإدارة القطاع السياحي الأردني ومنها تحديد مهن وأعمال معينة لا يجوز للأجنبي مزاولتها في القطاع الخاص، مثل بعض المهن المكتبية والإدارية، و قطاع شركات نقل الأجرة وشركات الطيران والدلالة السياحية .......الخ .كذلك اللجوء إلى زيادة رسوم استقدام الأيدي العاملة الأجنبية وتقييد إصدار رخص العمل لذلك يجب أن يتم تشكيل لجنة من كافة الأطراف والمؤسسات المسوؤلة عن القطاع السياحي لتحديث نظام العمل بحيث يتم تحديد حد أدنى للأجور للعمالة الأردنية حسب المؤهلات والخبرات، وكذلك إلزام المنشآت السياحية الخاصة بوضع نظام واضح لشؤون الموظفين لدى كل منشأة على حدى، بحيث يكون مستقبل الشاب الأردني واضحًا، وعلاواته واضحة وليس مستقبلاً مبهمًا وعشوائيًا حسب مزاج صاحب العمل وتحت رحمته.وبهذا يكفل حق العامل الأردني.
عدم التزام القطاع الخاص بتشغيل الشباب في القطاع السياحي
ما يدفع القطاع الخاص في المجال السياحي بعدم الالتزام بتشغيل الشباب الأردني بعض الحجج والادعاءات التي يضعها قطاع الأعمال كعقبة أمام توظيف الشباب الأردني، مثل عدم توافر الكفاءات الجدية والالتزام في العمل، والمطالبة بأجر مرتفع لا يناسب الإنتاجية، وارتفاع تكاليف التدريب والتأهيل، وعدم المرونة في أمور النقل من مكان لآخر........الخ.
ونظرًا للأهمية الإستراتيجية لقضية تشغيل الشباب الأردني وتوطينه في القطاع السياحي فعلى أجهزة الدولة أن تتحمل مسؤولية تخفيف حدة بعض الأعباء المالية ومنح التسهيلات للمؤسسات السياحية الخاصة التي تتقيد بإجراءات توطين الشباب الأردني . لذلك نقترح تقديم الدعم والعون للمؤسسات التي تحقق نسبة عالية من تشغيل الشباب الأردني، وذلك من خلال منح إعفاءات ضريبية أو جمركية، وكذلك إعطاء هذه الشركات السياحية الأولوية في المشتريات الحكومية والمحلية، وتفضيلها في العقود والمناقصات، وغير ذلك من الدعم والعون الذي يخفف من آثار التكلفة المالية المباشرة لتشغيل الشباب الأردني على تلك المنشآت السياحية .
محددات التعليم السياحي والفندقي في الأردن
أعطت الدولة اهتماما خاصا للتعليم السياحي والفندقي نظرا لما لهذا التعليم من مردود اقتصادي. ومع هذا ما تزال نسب التحاق الشباب في البرامج المتوافرة متدنية بسبب عدم تقبل قطاع واسع من المجتمع للتعليم السياحي والفندقي، وكذا عدم تفهم ووعي المجتمع لأهمية التطور الهائل الذي يشهده القطاع السياحي في الأردن. إذ بلغ عدد الطلبة في المرحلة الثانوية الملتحقين في مجال التعليم الفندقي والسياحي في وزارة التربية والتعليم للعام 2006/2007 (1855) طالباً يشكلن نسبة 00.7% من مجموع الملتحقين في فروع التعليم الأكاديمي المتعددة. علماً أن نسبة مشاركة الإناث في مجال التعليم الفندقي والسياحي على مستوى المملكة في مرحلة التعليم الثانوي كانت صفراً مما يشير إلى تواجد فجوة واضحة بين الجنسين فيما يتعلق بالتعليم الفندقي والسياحي حيث أصبحت اختصاصات السياحة والفندقة المتوافرة ذكورية.ومما سبق يتضح أن نسبة مشاركة الشباب وخاصة فئة الإناث في التعليم السياحي والفندقي تعتبر الأدنى بين الدول السياحية المجاورة للأردن سواءً على مستوى التعليم الثانوي أو الجامعي .
انطلاقة المرأة في تنمية السياحة الأردنية
صناعة السياحة أصبحت اليوم إحدى الأنشطة الاقتصادية الرئيسية ورافداً من روافد الدخل القومي وقد بلغت حصة السياحة من التجارة العالمية 12% في عام 2006 ولعل الحديث عن دور المرأة وعلاقتها بالنشاط السياحي يعد محورا هاما من المحاور التي يجب تسليط الضوء عليها، ولقد ألحق بعمل المرأة في هذا النشاط العديد من السلبيات، واستغلت المرأة بالشكل غير الصحيح والسليم تحت مسمى تشجيع السياحة.. وما ينبغي علينا فعله هو الدعوة لسياحة جادة تقوم على أسس مدروسة وقواعد مهنية متعارف عليها تراعي القيم والتقاليد الأردنية الأصيلة والهوية والثقافة والعقائد لشعوب المنطقة، كما أن نمو وعي المرأة الأردنية بأهمية السياحة ينعكس إيجابا على أولوياتنا العامة ويضاعف المردود المعنوي والمادي للسياحة، فتشجيع عمل المرأة في هذا الاتجاه يدفع باتجاه نمو الاقتصاد الوطني وتنمية الموارد القومية والبشرية وهنا لا بد من العمل على إزالة ومعالجة بعض الترسبات الذهنية السلبية السائدة في مجتمعاتنا والتي تعرقل انطلاقة المرأة في تنمية السياحة الأردنية.
تمكين الشباب في القطاع السياحي:
في الحقيقة فإنه على القطاع السياحي الخاص سواء كان أفرادًا أو مؤسسات النظر إلى تشغيل الشباب الأردني بشيء من بعد النظر، ففي المدى الطويل قد لا يتسنى لهذا القطاع الاستمرار في الاعتماد على العمالة الأجنبية نتيجة أي ظرف من الظروف الطارئة سواء سياسية أو اقتصادية، فإن لم تجد فائدة تشغيل الشباب الأردني الآن فستجدها مستقبلاً. لذلك يجب على القطاع الخاص التعاون الجاد لإنجاح برنامج تشغيل الشباب الأردني وتمكينه في القطاع السياحي ، وأنا على إيمان تام لما يلقاه هذا من دعم كامل من حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني المعظم، حفظه الله، وإشراف ومتابعة من الجهات المعنية من منطلق الأهداف الوطنية، ومن باب الوفاء لهذا الوطن المعطاء ، فالأمر يحتاج إلى التضحية ولو جزئيًا في سبيل تحقيق الأهداف العليا وللمصلحة العامة.كما أن كل ذلك يعتمد بعد كل تلك الأمور على تنمية الشباب الأردني وتطوره بما يتلاءم وطبيعة احتياجات المرحلة المقبلة للدولة ، وعدم أخذ موقف المتفرج أمام الاستثمارات الأجنبية الهائلة في المجال السياحي. فبعض المستثمرين الأجانب لهم مواقف حيادية وغير إيجابية ولا مبالية يتخذونها تجاه التنمية السياحية في البلدان المستقطبة لأن هدفهم الربحية أولاً. فلا يكترث المستثمر الأجنبي في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية تنعكس أثارها على توليد فرص العمل للأيدي المحلية فالاهتمام منصباً على تحقيق أكبر قدر من حجم الأرباح .