التسمية:
كانت تسمى "ذيبان" وهي كلمة مؤابية بمعنى "هزال" أو "إعلال" وفي زمن الموآبين أصبحت عاصمة لمملكتهم, وكان آخر ملوكها الملك "ميشع" صاحب التاريخ الطويل في المعارك التي حررت الأردن من المحتلين قبل الميلاد, وأثبتت الحفريات أنها كانت مأهولة بالسكان منذ حوالي 300ق.م. وعاصرت كل العصور القديمة.
المـــــوقـع:
بالقرب من وادي الموجب من الجهة الشمالية وعلى بعد 64كم إلى الجنوب من عمان وعلى تلة مرتفعة تسكن بقايا مدينة كانت لها دور عظيم الشأن وكبير, هناك حيث تقع عاصمة ميشع "ذيبان" المدينة التي ترتفع عن سطح البحر 726م, وتحيط بها الأودية السحيقة من الغرب والشمال والشرق, إضافة لأسوار منيعة منذ العصر البرونزي المبكر.
فالموقع الذي أقيمت فيه يشكل نقطة مركز لدائرة محاطة بالتلال والجبال, بحيث يتعذر على العدو اكتشافها بسهولة كونها محاطة في الجبال من جهة, ولحجب الرؤية من بعيد من جهة أخرى, في الوقت الذي يمكن مراقبة تحركات الأعداء من هذه التلال وأخذ الحذر وإعلام بقية نقاط المراقبة على أفق الدائرة الواسعة.
ومن مميزات الموقع إحاطتها بالسهول الخصبة من كل مكان, مما شكل لها مورداً زراعياً هاماً, وكذلك قرب الأماكن الوعرة منها الأمر الذي يجعل الأماكن هذه مراتع للأغنام ومراعي جيدة لها, وقد اشتهرت مؤآب بتربية المواشي لدرجة أنهم كانوا يدفعون جزية مقدارها مائه ألف كبش “خاوه« لليهود مما يعطي تصوراً عن كثرة المواشي ويسر الحال عكس اليوم تماماً, فالمقارنة واضحة بين الأمس واليوم وأيضاً وجود فاصلين طبيعيين وهما وادي الوالة شمالاً والموجب جنوباً, حيث وفر إمكانية التخندق على أطرافها ومنع تقدم أي عدو قبل الوصول إلى ذيبان العاصمة, فالموقع الإستراتيجي وخصوبة التربة وتوفر المراعي والمياه والأمن والحماية جعلت من ذيبان عاصمة مثالية للمؤآبيين, وكانت بمثابة المقصلة لكل من يحاول الاقتراب أو تدنيس ذلك التراب العريق.
التاريخ:
فذيبان اليوم (وديبون) الأمس التي كانت عاصمة مملكة المؤابيين, كانت محاطة بالأودية السحيقة من الغرب والشمال الشرقي اضافة لاسوار منيعة منذ العصر البرونزي المبكر, ولهذا كانت بمثابة المقصلة لكل من يحاول الاقتراب منها.
وتشير المصادر إنها مدينة مؤابية منذ القرن الثالث قبل الميلاد, استولى عليها شيمون ملك الأموريين (سفر العدد 21 - 30) ووصل لها الإسرائيليون قادمين من مصر واصطدموا بجيش شيمون وهزموه, وسقطت ذيبان في قبضتهم, وأعطى موسى سبط بني راؤبين "حشبون" حسبان" بعض مدنها في السهل وديبون"سفر شيوع 13، 15 ,17 ثم سكنها سُبط "جاو" سفر العدد,32 34" حررها بعد ذلك "عجلون" ملك مؤاب"سفر القضاة ,3 12"وسيطر عليها, ثم استولى عليها "عمري" ملك اسرائيل بعد سنة, 887 واجبرها على دفع الجزية وعندما توفى "أحاب" ملك إسرائيل ثار الملك ميشع ملك مؤاب وطرد الغزاة منها.
وهكذا انتهت مملكة الأموريين وحل بعدهم المؤابيون وأسسوا لهم مملكة شمالي أدوم بين "الموجب" و"الحسا" وبلاد مؤاب عبارة عن هضبة مرتفعة صالحة للزراعة وتربية المواشي ومن مدنها القديمة "قيرحارسة" وتقوم عليها اليوم الكرك ويرجح أنها كانت عاصمتهم.
وحارب المؤابيون اليهود بقيادة ملكهم "عجلون" وفرضوا عليهم الجزية, ونقلوا عاصمتهم إلى أريحا, وفي منتصف القرن التاسع قبل الميلاد ظهر بمؤاب ملك عظيم يدعى "ميشع" الذي لم يكتف بالامتناع عن دفع الجزية لإسرائيل بل وسع حدوده حتى وصل "معون" أي معان اليوم, وخلد أعماله وحروبه مع اليهود الذين ضربهم ضربة قاصمة في الحجر المؤآبي الشهير.
فذيبان اليوم تقوم فوق جزء مغمور مطمور من مدينة ميشع ذلك الملك الأردني الذي طرد الغزاة الإسرائيليين وحرّر بلاده من دفع الجزية السنوية, وأوقع بأعدائه الخسائر المادية والبشرية وحررّ بلاده من السيطرة الأجنبية كلها ووسع حدود مملكته وأضاف المدن وأشادها, ورمم الحصون والمباني وأنشأ المعاقل ونقاط المراقبة.
"وقد كتب ميشع بن كموشيت في مسلته رداً على قول الإسرائيليين":
سأضطهد مؤآب, وقال يا كموش "الحقه المؤابين" اذهب وخذ نبو من إسرائيل فذهبت واشتبكت بالمدينة وافتتحتها وبادت إسرائيل, بادت إلى الأبد.
وتشير الدراسات إلى أن مملكة مؤاب التي عاصمتها ذيبان كانت من ألد أعداء مملكتي إسرائيل ويهوذا, مما جعل تاريخ مؤاب في التوراة خاضعاً للتحريف الحاقد, وناقلاً لوجهة النظر العبرانية, ولعب المؤآبيون الذين أحبوا هذه الأرض ودافعوا عنها بكل إخلاص دوراً كبيراً في تاريخ الأردن, وقد وصلت أخبارهم إلينا من خلال التوراة ومسلة ميشع السجل الوحيد لتاريخ المملكة.
ازدهرت مؤاب من منتصف القرن الثالث عشر إلى منتصف القرن التاسع قبل الميلاد وبلغت أوج مجدها في العصر الحديدي الأول, والمؤابيون من الشعوب المتعددة التي نزحت من الجزيرة العربية وأسست ملكها في الأردن, واشتهرت مؤاب بخصب أراضيها وخيراتها ووفرة كرومها وكثرة المواشي, وذكر في التوراة غناها وازدهارها وتعدد خيراتها من المواشي والبساتين ومعاصر الخمر الشهيرة, ولهذا لقب ميشع ملك مؤاب بصاحب مواشي.
وفي العصر الحديدي الثاني دب الانحطاط في مؤاب بسبب مجيء سنحاريب واحتل المدن الفينيقية على الساحل وأرسلت إليه ممالك عمون وأدوم ومؤاب رسلاً تعلن خضوعها له, وفي القرن السادس قبل الميلاد جاء نبوخذ نصر غازياً وحارب عمون ومؤاب, وفي القرن الرابع قبل الميلاد امتلك العرب الأنباط مؤاب وكان قد قل عدد سكانها في المدن المؤابية, بعد أن كانت عامرة مزدهرة وعاد أهلها إلى حياتهم الأولى حياة التنقل والبداوة, وامتدت مملكة مؤاب من نهر الموجب إلى نهر الحسا, ومن مادبا إلى الكرك, التي كانت عاصمة المؤآبين وكان اسمها "كير حاريس" ولكن ذيبان نافستها وأصبحت عاصمتها.
فذيبان كانت مأهولة من بداية العصر البرونزي القديم, ثم تلاه فراغ ثقافي طويل, إذ انعدم أي أثر مادي يعود إلى العصر البرونزي المتوسط والجديد, ومن ثم عادت إليها الحياة في العصر الحديدي الأول والثاني "العصر المؤابي" وهجرت من جديد في زمن الفرس واليونان.
وبعد ذلك سكنها الأنباط منذ فجر المسيحية واحتلها العرب, فترك فيها الأموريون والأيوبيون والمماليك بقايا من حضارتهم, وهجرت للمرة الأخيرة إلى أن احتل سكانها الحاليون التل الجنوبي محافظين على اسم مدينتهم القديم ومستغلين تربتها الخصبة, وأكثر سكانها من الموجات العربية السامية القادمة من الجزيرة العربية وخضعت كغيرها للحكم العثماني الذي نكل بالسكان, مما دفع عشائر المنطقة إلى مهاجمة الحامية التركية في ذيبان والانضمام إلى الثورة العربية, ويذكر أنها كانت من مراكز توزيع البريد البري ما بين الكرك ودمشق (الربه - قاطع الموجب - ذيبان).
ويشير الدكتور غوانمه أنه شاع في عصر الأموريين والمماليك نوع من الأواني الفخارية المحلية تمثل في معظمها دوارق الماء أو أطباقاً للطعام أو جراراً كبيرة لأغراض مختلفة كخزن الزيتون والزيت والنبيذ وغيره.
وتتميز بزخارف خطية هندسية ورسومات شطرنجية داخل نجوم مثمنة أو مسدسة أو داخل مستطيلات أو مربعات متشابكة الخطوط, وهذا النمط وجد العديد من أوانيه في حسبان وذيبان والكرك وعجلون, مما يدل على أن صناعته كانت محلية لتفي بأغراض المواطنين.
زارها العديد من الرحالة والباحثين ووصفوها, فذكرها الحموي في معجمه (البلدان) ذيبان بكسر أوله وسكون ثانيه بلفظ القبيلة - بلد قاطع الأردن ممايلي البلقاء. وقد زارها الرحالة (ترسترام) وأشار إليها بقوله: لقد وجدنا مؤاب أطلالاً مهدمة خالية من الملامح ولا تزيد عن كونها كومة من الحجارة كأية كومة مؤابية, لقد تم تحقيق النبوءة فوق سهوله التي تخلو من الحياة, فقد ورد في "سفر جرمي (17/18)" مايلي:
أيتها الابنة التي تقطن ديبون, تعالي وانزلي من عظمتك ومجدك العالي, واجلسي في العطش, ذلك أن مدمر مؤآب سيأتي إليك, وسوف يخرب جميع قلاعك وحصونك (مواقعك الحصينة) ومن اللافت للنظر أيضاً - ذلك التحذير الموجه إلى Aroer في النص الذي يلي ذيبان, فعندما نقف ونطل إلى الاسفل إلى الممر الذي يتحكم به هذا الموقع أي Aroer تحكماً كاملاً: يا سكان، Aroerقفوا بمحاذاة الطريق وتجسسوا اسأله أين المفر, واسألها أين الهروب, واسألهم ماذا فعلنا?
وتريسترام يصف ذيبان بقوله: بإنها تشبه كريشيام, ومدن مؤاب الأخرى, وتتميز في أنها مدينة توأم تمتد على تلتين متجاورتين, حيث لا تقتصر الأطلال على قممها, بل وتغطي السفوح حتى بطن الوادي, وجميعها محاطة بحائط عام واحد, وبالقرب من قدمي, يسير وادٍ صغير نحو الغرب, حيث عثرنا فيه على أحواض مائية لا تزال تحتفظ بالماء الذي تجمع فيها من جراء المطر الأخير, وعند نهاية السهول من الجهة الغربية يتوقف السهل, وتبدأ المنطقة بالتضرس والتموج.
[color=orange][ :D /color]
كانت تسمى "ذيبان" وهي كلمة مؤابية بمعنى "هزال" أو "إعلال" وفي زمن الموآبين أصبحت عاصمة لمملكتهم, وكان آخر ملوكها الملك "ميشع" صاحب التاريخ الطويل في المعارك التي حررت الأردن من المحتلين قبل الميلاد, وأثبتت الحفريات أنها كانت مأهولة بالسكان منذ حوالي 300ق.م. وعاصرت كل العصور القديمة.
المـــــوقـع:
بالقرب من وادي الموجب من الجهة الشمالية وعلى بعد 64كم إلى الجنوب من عمان وعلى تلة مرتفعة تسكن بقايا مدينة كانت لها دور عظيم الشأن وكبير, هناك حيث تقع عاصمة ميشع "ذيبان" المدينة التي ترتفع عن سطح البحر 726م, وتحيط بها الأودية السحيقة من الغرب والشمال والشرق, إضافة لأسوار منيعة منذ العصر البرونزي المبكر.
فالموقع الذي أقيمت فيه يشكل نقطة مركز لدائرة محاطة بالتلال والجبال, بحيث يتعذر على العدو اكتشافها بسهولة كونها محاطة في الجبال من جهة, ولحجب الرؤية من بعيد من جهة أخرى, في الوقت الذي يمكن مراقبة تحركات الأعداء من هذه التلال وأخذ الحذر وإعلام بقية نقاط المراقبة على أفق الدائرة الواسعة.
ومن مميزات الموقع إحاطتها بالسهول الخصبة من كل مكان, مما شكل لها مورداً زراعياً هاماً, وكذلك قرب الأماكن الوعرة منها الأمر الذي يجعل الأماكن هذه مراتع للأغنام ومراعي جيدة لها, وقد اشتهرت مؤآب بتربية المواشي لدرجة أنهم كانوا يدفعون جزية مقدارها مائه ألف كبش “خاوه« لليهود مما يعطي تصوراً عن كثرة المواشي ويسر الحال عكس اليوم تماماً, فالمقارنة واضحة بين الأمس واليوم وأيضاً وجود فاصلين طبيعيين وهما وادي الوالة شمالاً والموجب جنوباً, حيث وفر إمكانية التخندق على أطرافها ومنع تقدم أي عدو قبل الوصول إلى ذيبان العاصمة, فالموقع الإستراتيجي وخصوبة التربة وتوفر المراعي والمياه والأمن والحماية جعلت من ذيبان عاصمة مثالية للمؤآبيين, وكانت بمثابة المقصلة لكل من يحاول الاقتراب أو تدنيس ذلك التراب العريق.
التاريخ:
فذيبان اليوم (وديبون) الأمس التي كانت عاصمة مملكة المؤابيين, كانت محاطة بالأودية السحيقة من الغرب والشمال الشرقي اضافة لاسوار منيعة منذ العصر البرونزي المبكر, ولهذا كانت بمثابة المقصلة لكل من يحاول الاقتراب منها.
وتشير المصادر إنها مدينة مؤابية منذ القرن الثالث قبل الميلاد, استولى عليها شيمون ملك الأموريين (سفر العدد 21 - 30) ووصل لها الإسرائيليون قادمين من مصر واصطدموا بجيش شيمون وهزموه, وسقطت ذيبان في قبضتهم, وأعطى موسى سبط بني راؤبين "حشبون" حسبان" بعض مدنها في السهل وديبون"سفر شيوع 13، 15 ,17 ثم سكنها سُبط "جاو" سفر العدد,32 34" حررها بعد ذلك "عجلون" ملك مؤاب"سفر القضاة ,3 12"وسيطر عليها, ثم استولى عليها "عمري" ملك اسرائيل بعد سنة, 887 واجبرها على دفع الجزية وعندما توفى "أحاب" ملك إسرائيل ثار الملك ميشع ملك مؤاب وطرد الغزاة منها.
وهكذا انتهت مملكة الأموريين وحل بعدهم المؤابيون وأسسوا لهم مملكة شمالي أدوم بين "الموجب" و"الحسا" وبلاد مؤاب عبارة عن هضبة مرتفعة صالحة للزراعة وتربية المواشي ومن مدنها القديمة "قيرحارسة" وتقوم عليها اليوم الكرك ويرجح أنها كانت عاصمتهم.
وحارب المؤابيون اليهود بقيادة ملكهم "عجلون" وفرضوا عليهم الجزية, ونقلوا عاصمتهم إلى أريحا, وفي منتصف القرن التاسع قبل الميلاد ظهر بمؤاب ملك عظيم يدعى "ميشع" الذي لم يكتف بالامتناع عن دفع الجزية لإسرائيل بل وسع حدوده حتى وصل "معون" أي معان اليوم, وخلد أعماله وحروبه مع اليهود الذين ضربهم ضربة قاصمة في الحجر المؤآبي الشهير.
فذيبان اليوم تقوم فوق جزء مغمور مطمور من مدينة ميشع ذلك الملك الأردني الذي طرد الغزاة الإسرائيليين وحرّر بلاده من دفع الجزية السنوية, وأوقع بأعدائه الخسائر المادية والبشرية وحررّ بلاده من السيطرة الأجنبية كلها ووسع حدود مملكته وأضاف المدن وأشادها, ورمم الحصون والمباني وأنشأ المعاقل ونقاط المراقبة.
"وقد كتب ميشع بن كموشيت في مسلته رداً على قول الإسرائيليين":
سأضطهد مؤآب, وقال يا كموش "الحقه المؤابين" اذهب وخذ نبو من إسرائيل فذهبت واشتبكت بالمدينة وافتتحتها وبادت إسرائيل, بادت إلى الأبد.
وتشير الدراسات إلى أن مملكة مؤاب التي عاصمتها ذيبان كانت من ألد أعداء مملكتي إسرائيل ويهوذا, مما جعل تاريخ مؤاب في التوراة خاضعاً للتحريف الحاقد, وناقلاً لوجهة النظر العبرانية, ولعب المؤآبيون الذين أحبوا هذه الأرض ودافعوا عنها بكل إخلاص دوراً كبيراً في تاريخ الأردن, وقد وصلت أخبارهم إلينا من خلال التوراة ومسلة ميشع السجل الوحيد لتاريخ المملكة.
ازدهرت مؤاب من منتصف القرن الثالث عشر إلى منتصف القرن التاسع قبل الميلاد وبلغت أوج مجدها في العصر الحديدي الأول, والمؤابيون من الشعوب المتعددة التي نزحت من الجزيرة العربية وأسست ملكها في الأردن, واشتهرت مؤاب بخصب أراضيها وخيراتها ووفرة كرومها وكثرة المواشي, وذكر في التوراة غناها وازدهارها وتعدد خيراتها من المواشي والبساتين ومعاصر الخمر الشهيرة, ولهذا لقب ميشع ملك مؤاب بصاحب مواشي.
وفي العصر الحديدي الثاني دب الانحطاط في مؤاب بسبب مجيء سنحاريب واحتل المدن الفينيقية على الساحل وأرسلت إليه ممالك عمون وأدوم ومؤاب رسلاً تعلن خضوعها له, وفي القرن السادس قبل الميلاد جاء نبوخذ نصر غازياً وحارب عمون ومؤاب, وفي القرن الرابع قبل الميلاد امتلك العرب الأنباط مؤاب وكان قد قل عدد سكانها في المدن المؤابية, بعد أن كانت عامرة مزدهرة وعاد أهلها إلى حياتهم الأولى حياة التنقل والبداوة, وامتدت مملكة مؤاب من نهر الموجب إلى نهر الحسا, ومن مادبا إلى الكرك, التي كانت عاصمة المؤآبين وكان اسمها "كير حاريس" ولكن ذيبان نافستها وأصبحت عاصمتها.
فذيبان كانت مأهولة من بداية العصر البرونزي القديم, ثم تلاه فراغ ثقافي طويل, إذ انعدم أي أثر مادي يعود إلى العصر البرونزي المتوسط والجديد, ومن ثم عادت إليها الحياة في العصر الحديدي الأول والثاني "العصر المؤابي" وهجرت من جديد في زمن الفرس واليونان.
وبعد ذلك سكنها الأنباط منذ فجر المسيحية واحتلها العرب, فترك فيها الأموريون والأيوبيون والمماليك بقايا من حضارتهم, وهجرت للمرة الأخيرة إلى أن احتل سكانها الحاليون التل الجنوبي محافظين على اسم مدينتهم القديم ومستغلين تربتها الخصبة, وأكثر سكانها من الموجات العربية السامية القادمة من الجزيرة العربية وخضعت كغيرها للحكم العثماني الذي نكل بالسكان, مما دفع عشائر المنطقة إلى مهاجمة الحامية التركية في ذيبان والانضمام إلى الثورة العربية, ويذكر أنها كانت من مراكز توزيع البريد البري ما بين الكرك ودمشق (الربه - قاطع الموجب - ذيبان).
ويشير الدكتور غوانمه أنه شاع في عصر الأموريين والمماليك نوع من الأواني الفخارية المحلية تمثل في معظمها دوارق الماء أو أطباقاً للطعام أو جراراً كبيرة لأغراض مختلفة كخزن الزيتون والزيت والنبيذ وغيره.
وتتميز بزخارف خطية هندسية ورسومات شطرنجية داخل نجوم مثمنة أو مسدسة أو داخل مستطيلات أو مربعات متشابكة الخطوط, وهذا النمط وجد العديد من أوانيه في حسبان وذيبان والكرك وعجلون, مما يدل على أن صناعته كانت محلية لتفي بأغراض المواطنين.
زارها العديد من الرحالة والباحثين ووصفوها, فذكرها الحموي في معجمه (البلدان) ذيبان بكسر أوله وسكون ثانيه بلفظ القبيلة - بلد قاطع الأردن ممايلي البلقاء. وقد زارها الرحالة (ترسترام) وأشار إليها بقوله: لقد وجدنا مؤاب أطلالاً مهدمة خالية من الملامح ولا تزيد عن كونها كومة من الحجارة كأية كومة مؤابية, لقد تم تحقيق النبوءة فوق سهوله التي تخلو من الحياة, فقد ورد في "سفر جرمي (17/18)" مايلي:
أيتها الابنة التي تقطن ديبون, تعالي وانزلي من عظمتك ومجدك العالي, واجلسي في العطش, ذلك أن مدمر مؤآب سيأتي إليك, وسوف يخرب جميع قلاعك وحصونك (مواقعك الحصينة) ومن اللافت للنظر أيضاً - ذلك التحذير الموجه إلى Aroer في النص الذي يلي ذيبان, فعندما نقف ونطل إلى الاسفل إلى الممر الذي يتحكم به هذا الموقع أي Aroer تحكماً كاملاً: يا سكان، Aroerقفوا بمحاذاة الطريق وتجسسوا اسأله أين المفر, واسألها أين الهروب, واسألهم ماذا فعلنا?
وتريسترام يصف ذيبان بقوله: بإنها تشبه كريشيام, ومدن مؤاب الأخرى, وتتميز في أنها مدينة توأم تمتد على تلتين متجاورتين, حيث لا تقتصر الأطلال على قممها, بل وتغطي السفوح حتى بطن الوادي, وجميعها محاطة بحائط عام واحد, وبالقرب من قدمي, يسير وادٍ صغير نحو الغرب, حيث عثرنا فيه على أحواض مائية لا تزال تحتفظ بالماء الذي تجمع فيها من جراء المطر الأخير, وعند نهاية السهول من الجهة الغربية يتوقف السهل, وتبدأ المنطقة بالتضرس والتموج.
[color=orange][ :D /color]