اخذ الكثير من العلماء في زمننا الحاضر يبدون حماساً شديداً تجاه العلاج بالايمان، وخاصة في تلك الامراض التي لها علاقة مباشرة بالنفس مثل مرض الاكتئاب.
ويقول الدكتور هارولد كيزنج رئيس الفريق الباحث في جامعة كارولينا الاميركية: انه كلما كان الايمان لدى الشخص المصاب بالاكتئاب اقوى كلما شفي هذا الشخص بسرعة، هذا ويراهن د. هارولد على ان الايمان وحده دون عناصر دوائية كيميائية مساعدة قادر على الشفاء من الاضطرابات النفسية، وان على الغرب ان يتبنى هذا الاتجاه الجديد..
ورغم ان هناك علماء درسوا بدائل (للأدوية الكيميائية ذات بعض الجوانب السلبية) مثل الاعشاب والمغناطيس والابر الصينية وحتى تأثيرات الاحجار الكريمة الا ان العلماء لاحظوا ان العلاج بالايمان هو من افضل الادوية والعلاجات للبشرية.
وليم جيمس
وليم جيمس هو فيلسوف اميركي ورائد من رواد علم النفس الحديث، وهو فيلسوف الحرية، وله العديد من المؤلفات في فروع علم النفس منها علم النفس الديني، والارادة، والاعتقاد، والبراغماتية.. الخ.
ومن اقواله الشهيرة مثلاً: ان الاكتشاف الاعظم الذي شهده جيلي هو معرفة البشر ان بمقدورهم تغيير حياتهم عبر تغيير مواقفهم الذهنية، وان اعمق مبدأ في الطبيعة الانسانية هي التماس التقدير.
ابن سينا
واذا كان الغرب قد بدأ ينتبه الى هذه النقطة عام 1902 حين دعا وليم جيمس الى ان يكون علم النفس الديني احد فروع العلم الطبيعي واسفرت جهوده عن انشاء وحدة بحوث للخبرات الدينية في جامعة اكسفورد في انجلترا.. فاذا كان هذا هو حال الغرب، فان العلماء المسلمين اكتشفوا هذه الحقيقة في وقت مبكر وبخاصة ابن سينا الذي قدم محاولات رائدة في مجال الامراض النفسية والعقلية وخصص فصولاً في كتبه عن مرضي القلق والاكتئاب مشيراً الى اسبابهما الاجتماعية وعلاجهما بالايمان.
ومن المعروف ان اول مصحة عقلية عرفها العالم كانت في بغداد وكانت تستعين بقارئ القرآن وأئمة المساجد لاعادة الثقة ورفع الروح المعنوية للمرضى، كما ان اعمال ابي حامد الغزالي تشير الى علاقة النفس بالجسم، كما تتناول اعمال ابن رشد النمو النفسي للانسان وعلاقته بالايمان.
مصطفى محمود
اما الدكتور مصطفى محمود وهو الطبيب والاديب والاعلامي والمفكر الاسلامي الشهير وصاحب الكتب الدينية العديدة ومن اشهرها «رحلتي من الشك الى الايمان» ومن اشهر برامجه التلفزيونية قديماً «العلم والايمان».. فقد اوضح ومنذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي علاقة الدين بالعلم.
لكنه وقبل سنوات من وفاته علّق د. مصطفى محمود على ما ذهب اليه فريق العمل من العلماء في جامعة كارولينا الاميركية قائلاً: انه قدم نفس النتائج في احدث دراسة صدرت له مؤخراً بعنوان «علم نفس قرآني جديد».. اوضح فيها ان الايمان بوجود الله يعني ان العدل موجود وكذلك الرحمة والمغفرة فتطمئن القلوب وترتاح النفوس ويزول (القلق) ويسود الاحساس بالسكينة..
« يقول د. مصطفى محمود: فالايمان بوجود الخالق يعني ان الانسان ليس وحده في هذا العالم، وانما تحفه العناية الالهية ويستشعر بالاستئناس والأمان.. فلاهجر ولا غدر ولا ضياع ولا وحشة ولا اكتئاب مع هذا اليقين..
ويتابع المفكر الشهير د. مصطفى قائلاً: ان العالم لم يصل الى عقار سحري يمكن ان يحدث ذرة واحدة من هذا الاثر في النفس، فكل العقاقير تداوي شيئاً وتغفل شيئاً..
وهي تداوي بالوهم وتريح الانسان بأن تطفئ مصابيح عقله وتخدره.. اما عبارة «لا اله الا الله» فانها تطلق الانسان وتحرره من جميع العبوديات الباطلة وتبشره بالمغفرة وتنجيه من الخوف وتحفظه من الوسواس وتؤيده بالملأ الأعلى..
ويقول: ان المؤمنين اهل حلم وصبر وتواضع وتسامح وسكينة، وهذه السكينة لن يحصل عليها الانسان من اية صيدلية ولن يشتريها بمال الأرض وانها تشرق القلب المؤمن..
واذ كنا في مواجهة مشكلات العصر واحتمالات المستقبل المحفوفة بالمخاطر في اشد الحاجة الى سلاح نفسي فلن نجد اقوى من الله سبحانه وتعالى معيناً وظهيراً لنا